المبحث الثالث
تنبيهات مهمة
وسأعطيك قواعد وتنبيهات ستساعدك بإذن الله على الثبات والمقاومة :
أولا : سأضرب لك مثالا أوضح فيه حالتك مع الوسواس والعلاج ( مخطط توضيحي) :
أخي المتعالج من الوسواس
أنت كمثل الإنسان الذي قُيد بالقيود والأثقال ثم ألقي في بئر عميق
فتعلقت يداه ورجلاه في أحجار البئر فلكي يخرج من هذا البئر !
لا بد له من التخلص من هذه الأحجار أولا ، ثم التخلص من القيود والأثقال ثانيا !
والتخلص من هذه الأثقال و الأحجار لا بد له من جهد كبير جدا
وبعد التخلص يكون الخروج من البئر أسهل من ذلك بكثير
لكنه يحتاج إلى وقت مع التركيز والثبات والصبر
فلو تخلص الإنسان من الأثقال و الأحجار
فيسهل عليه الخروج حيث يبدأ بالصعود على الأحجار شيئا فشيئا حتى يخرج من البئر.
فما رأيكم لو تخلص الإنسان من هذه الأحجار ولكنه لم يتخلص من الأثقال
أو تخلص من بعضها فقط ؟!
فهل يستطيع الخروج من البئر ؟ بالتأكيد الأمر صعب جدا !!
نفرض فرضية أخرى وهي
أن الإنسان قد تخلص من الأحجار والأثقال معا ثم بدأ بالصعود
وبعد أن انتصف في الطريق بدأ بالتراخي فسقط !!
ثم تعلقت يداه ورجلاه مرة أخرى ، فما رأيكم ؟
سيصعب عليه الخروج من هذا البئر لأنه قد استنفد قوته في التخلص من الأحجار في المحاولة الأولى
وستضعف همته وستتحطم نفسه ثم يستسلم للموت لا سيما وقد يكون سقوطه عنيفا فيؤدي لموته في الحال .
وهذا هو حالك فالبئر هو الوسواس
وقد سقطت فيه وتعلقت أطرافك المثقلة بالقيود الثقيلة في أحجاره
فاحمد لله أن أعانك على التخلص من هذه الأحجار في التهيئة النفسية التي شرحتها لك أولا
ثم فككت هذه القيود الثقيلة بالخطوة الثانية من خطوات العلاج ولم يبق لك الآن إلا الصعود حتى تخرج من البئر .
فابدأ بالصعود مع التركيز والثبات واحذر من التراخي حتى لا تسقط في البئر مرة أخرى فالفرج قريب بإذن الله .
ثانيا : أن الوسواس سببه الشيطان كما أخبرتك
والشيطان ضعيف جدا
حيث يقول الله عز وجل : (إن كيد الشيطان كان ضعيفا ) النساء 76.
فكما ترى ، فالله وصف كيد الشيطان بالضعف في حين جاء في القرآن وصف كيد المرأة بالعظيم
حيث قال سبحانه: (فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ) يوسف 28
فكيد المرأة أقوى من كيد الشيطان بل ولا مقارنة بينهما
و والله لو جربتم مقاومة كيد الشيطان لرأيتم بأنفسكم ضعفه وهوانه .
كيف أقاوم كيد الشيطان ؟
مقاومته
عدم الالتفات إليه وعدم الاهتمام به مهما كبر في نفسك
بل اصبر واستمر في مقاومته وستجده سرعان ما يفر من أمامك
هذا فيما لو صمد في وجهك وإلا فالمعروف عن الوسواس الهرب قبل المواجهة
فمثلا : لو توضأت وتجهزت للصلاة ثم بدأ الوسواس يعمل عمله ويوهمك بأن وضوءك قد انتقض
بأي سبب ريحا كان أو غيره!
ثم بدأت ضربات قلبك تزداد وأعصابك تتوتر والعرق ينزف !
فهنا يجب عليك أن تصمد وتكبر للصلاة ولا تلتفت له .
وستجد أن الوسواس قد زال عنك واطمأن قلبك
بمجرد العزيمة فقط
وهذا أكبر دليل على ضعفه ولكن يحتاج منك الصمود فقط .
ثالثا : لا تتعامل مع الأفكار الوسواسية بناءا على ما تحس به أثناء تسلطها عليك
فالموازين هنا مختلفة .
لا بد لك أولا من الخروج من تسلط الوسواس عليك حتى ترى الأمور على حقيقتها .
فالوسواس مثل بحيرة السراب يظنها السائر شيئا عظيما وهي في حقيقتها لا شيء !
فلو توقف بمجرد رؤيتها لبقيت البحيرة عائقا له عن إكمال المسير
ولكنه لو استمر في المسير لوجد أنها تتلاشى شيئا فشيئا حتى إذا وصل إليها لم يجد شيئا .
وكذلك الأفكار الوسواسية لو صمد الإنسان أمامها واستمر في المقاومة لم تضره
وستختفي كما يختفي السراب .
ولكن لو تقبلها وتنازل أمامها فليعلم أنها ستتحول إلى جبل جليدي سرعان ما يكتسح الموسوس
نسأل الله العافية .
فمثلا : لو أحس الموسوس بأن قطرات بول خرجت منه
ثم بدأت الأفكار والأوهام تكثر عليه حتى بدأ يفقد صوابه.
المفترض منه أن يصمد أمامها ولا يبالي بها أبدا
وعند ذلك ستزول عنه وتبدأ نفسه بالاطمئنان ويرتاح من تبعات التنازل
ولكن إن هو بدأ بالتنازل ثم قام بالنظر ليتأكد هل خرج منه شيء أو لا
عند ذلك سيقع مالا تحمد عقباه ، لأنه سيرى العرق فيعتبره بولا !!
ثم يفترض نجاسة الثياب كلها ، ثم نجاسة يده وما مسته من أثاث أو ثياب
ثم تتنجس الغرفة بأكملها ثم يسقط المسكين باكيا مهموما مغموما
وسبب هذا كله طاعته للشيطان ومبالاته بالأفكار الوسواسية !
وعدم طردها والصمود أمامها ، مع أنه لو تجاهلها لم يحصل شيء من ذلك .
رابعا : احذر أشد الحذر من الوساوس السخيفة التي لا تلقي لها بالا .
فإنها هي أساس البلاء ، وهي المفتاح الذي يستطيع الوسواس أن يدخل إليك عن طريقها .
خامسا : إياك والخوف من الوساوس وإعطائها أكبر من حجمها
بل هي أسخف وأحقر من أن يلتفت إليها .
حاول أن تتمتع بثقة وهدوء كبيرين ، بعيدا عن التوتر وشد الأعصاب .
وهناك قاعدة عند علماء النفس معناها : أن الخوف قبل أي محاولة جديدة دليل على الفشل .
سادسا : حاول أن تتعلم فن الاسترخاء ، وذلك عن طريق شراء الكتب والأشرطة المعينة على ذلك
وأوصيك بأشرطة الدكتور صلاح الراشد عن الوسواس خاصة الشريط الأخير منه
وأشرطة الدكتور نجيب الرفاعي خاصة شريط
( الثقة بالنفس )
سابعا : استخدم الرقية الشرعية على نفسك وحاول أن تفعلها أنت لأنك أنت من اكتويت بنار الوسواس
فذلك أدعى للإخلاص
ثامنا : حاول أن تقرأ سورة البقرة كل ليلة وإن قرأتها في قيام الليل كان أفضل إن استطعت إلى ذلك سبيلا
لمدة شهر واحد على الأقل .
تاسعا: عليك بالصدقة بنية الشفاء من الوسواس ويجب أن يكون المبلغ المتصدق به على وزن المرض الذي تشتكي منه
فحاول أن يكون المبلغ كبيرا نوعا ما واحرص على الإخلاص وتجنب الرياء
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( داووا مرضاكم بالصدقة ) رواه البيهقي .
ولقد جرب الصدقة كثيرون واستفادوا منها فائدة كبيرة بفضل الله .
عاشرا : أكثر من فعل العبادات كقراءة القرآن والإكثار من النوافل وقيام الليل والصدقة
وكثرة الذكر لا سيما الاستغفار والتسبيح والتهليل .
فهي من أعظم أسباب تخفيف الوسواس حيث أنها تهدئ النفس وتزيل تأنيب الضمير الذي يرفع درجة التوتر لدى الموسوس
مما يجعله فريسة سهلة للوسواس .
الحادي عشر : أكثر من الدعاء بأن يشفيك الله من الوسواس
واعلم أن هذا أعظم الأسلحة التي تملكها وثق بإجابة الله لك ولا تيأس
فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا ) رواه أبو داوود .
وثق بالإجابة ولا تستعجل لأن الله تعالى يجيب الداعي مالم يعجل
حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( يستجاب لأحدكم مالم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي ) رواه البخاري ومسلم .
أخيرا : لا مانع من تسجيل المواقف الشجاعة والتي صمدت فيها أمام الوسواس
لتكون معينة بعد الله في رفع معنوياتك
مثل :أن يحصل لك موقف وسواسي وتكثر عليك الأفكار وتصل إلى حد كبير
ثم ترفضها وتتركها فترتاح نفسك وتطمئن ، فلا مانع من تسجيلها كأن تكتب :
في يوم الخميس 1426/4/4هـ
كبرت لصلاة العصر فأتاني الوسواس وشككني بالتكبير
وأوهمني أنني لم أكبر حتى ضاقت علي الأرض وتصبب العرق مني وأحسست بأن الصلاة قد انقطعت
ولكنني بفضل الله تجاهلته وأكملت الصلاة فأذهبه الله عني وأكملت الصلاة
كأن لم يأتني أذى .
وحاول أن تكون هذه في الشهر الأول فقط.
تنبيهان مهمان للإخوة الموسوسين
أولا : يكثر السؤال عن ما يخرج بعد التبول ، حيث أن كثيرا من الموسوسين يتحرج بعد التبول
فيتأخر في دورات المياه حيث يحس بخروج قطرات من البول بعد أن يقوم وعندما يبدأ الوضوء
فيخشى أن يؤثر ذلك على وضوئه وصلاته وتنجيس ثيابه .
ولقد سألت علماء كبار فأفتوني بهذه الفتوى حيث قالوا:
(بعد الانتهاء من البول انتظر حوالي دقيقة واحدة ولا تزد ثم صب الماء صبا
فقط ولا حاجة للمسه أو دلكه أو نتره أو سلته ثم قم ولا حرج عليك مما يخرج بعد ذلك ).
ثانيا : كثيرا ما يرفع الموسوس صوته أثناء الصلاة
سواءا بالتكبير أو عند قراءة الفاتحة أو عند قراءة الأذكار بحجة ضرورة إسماع نفسه !
ولقد سألت أحد العلماء عن ذلك فقال :
يكفي أن يحرك لسانه وشفتيه بالقراءة ولا يلزمه إسماع نفسه.
انتهينا الآن من علاج الوساوس المتعلقة بالعبادات كالصلاة والطهارة وإزالة النجاسة وغيره .
للعودة الى أركان العلاج إضغط هنا
للإنتقال للفصل الرابع من العلاج والوسواس إضغط هنا
2 تعليقان
تعقيبات: الوسواس القهري ( أركان العلاج ) – موقع نفساني
تعقيبات: وساوس الأفكار التسلطيه ( الفصل الرابع ) – موقع نفساني